الإرهاب مشروع استراتيجي وليس ظاهرة.. (الكيان الصهيوني) نموذجاً-2/3

166

تضمن المقال السابق عرضاً سريعاً للنظرة الأمريكية للارهاب واعتمادها عليه كوسيلة ناجعة لتحقيق مشاريعها المتعددة، وذكرنا مثالين أساسيين: الإرهاب الصهيوني الذي نعاني منه منذ عقود مضت، وإرهاب المجموعات الإرهابية المتعددة مثل داعش والقاعدة والنصرة وأحرار الشام وغيرها من التنظيمات الإرهابية  التي تنشأ وتسمى وتحدد مهامهما وفق الموقع الجغرافي الذي ستنشط به وطبيعة المجتمع المستهدف.

 

الإرهاب مشروع استراتيجي وليس ظاهرة.. (الكيان الصهيوني) نموذجاً-2/3

 

لقد بدأت معاناة عالمنا العربي من الإرهاب منذ قيام الكيان الصهيوني ذي الطبيعة الإرهابية الإجرامية، فالتطرف والإرهاب سمتان متلازمتان لهذا الكيان الغاصب وتسيطر على سياساته الشعبية منها والرسمية متجاوزة احتكار ظاهرة الإرهاب والتطرف على المتدينين ومتوغلة في مكونات الكيان ككل.

جدول المحتويات :

الولايات المتحدة:

سعت الولايات المتحدة منذ قيام الكيان الصهيوني على دعمه اللامحدود مادياً وعسكرياً وسياسياً وأمنياً، والتغطية على جرائمه، وتبرير إرهابه لا بل تشريع ذلك تحت شعارات زائفة وبائدة مكشوفة الأهداف والغايات، إن الناظر لنشأة الكيان الصهيوني يدرك بسرعة انه مشروع كبير تستثمر فيه الامبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وغيرها من الدول الداعمة لهذا الكيان.. والواضح دوماً أن ممارسات الكيان الصهيوني المنسجمة مع إيديولوجيته العنصرية، غير المعترفة بالآخر أو بحقوقه، وتشرع قتل كل مخالف، تتشابه كثيراً مع أية إيديولوجيا تكفيرية أياً كان اسمها في النهج والتفكير والممارسة.

إذن هي ليست صدفة أن يتم تبني مثل هذا المشروع الكياني الإرهابي من قبل الولايات المتحدة الأميركية، متحدية العشرات من القرارات الدولية التي اعترفت بعنصرية هذا الكيان، وقد أعلنت الأمم المتحدة أولى قراراتها التي توضح طبيعة هذا الكيان العنصرية من خلال القرار رقم 3379 (الدورة 30) بتاريخ 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975م الذي يقر بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، أما المجازر والمذابح والمحارق التي قام بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني وغيرهم والتي تجاوزت الستين فهي بلا شك صورة مشابهة عن المجازر والمحارق والمذابح التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية كطالبان وداعش والنصرة والقاعدة وغيرها من التنظيمات.

داعش وشركائها:

لقد أظهرت هذه الجرائم توافق هذه التنظيمات الإرهابية على مبدأ التطهير العرقي وخاصة الكيان الصهيوني الذي مارس عمليات التطهير ومازال منذ عقود مضت، وأعتقد من الخطأ بمكان أن نفصل بين الإرهاب والتطرف أو نفرق بين الكيان الصهيوني وداعش مثلاً، فلكل منها دور واضح مرسوم بدقة متناهية وهذه هي مقومات المشروع الناجح الذي تستثمر فيه الولايات المتحدة الأمريكية.

 

 

الإرهاب مشروع استراتيجي وليس ظاهرة.. (الكيان الصهيوني) نموذجاً-2/3

 

الكيان الصهيوني:

الكيان الصهيوني هو أول كيان إرهابي نشأ مستكمل الأركان غير الشرعية طبعاً، وهو الذي مهد لدخول الإرهاب الى بلادنا ومنطقتنا، وكرس مفاهيم خاطئة نسفت مفاهيم الأمن والسلم الدوليين ودنست ميثاق الأمم المتحدة وانتهكت كل القوانين الدولية، وهذا لم يكن ليتم لولا التأييد الأعمى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وشرعنة ممارسات الكيان الإرهابية، سعياً لتحقيق مصالحها السياسة والاقتصادية في المنطقة.

وقد استخدمت الدول الاستعمارية «الكيان الصهيوني» كأداة إرهابية عسكرية بلبوس مدني لتنفيذ مخططاتها والمخططات الصهيونية التي تتقاطع في أطماعها في منطقتنا، وخلقت حالة من التوتر الدائم وعدم الاستقرار داخل المنطقة لاستنزاف مواردها وثرواتها وطاقاتها وعرقلة تطورها وفرض السيطرة المباشرة عليها بزرع القواعد العسكرية وإرهاب الحكام العرب وقمع أي مشروع نهضوي عربي والاستيلاء على عائدات النفط العربي.

وهذا يبرهن أن الارهاب هو مشروع مدروس ومحكم وليس ظاهرة، وهو وسيلة دنيئة تدين من يستخدمها أو يدعمها، والخطير أن الاستثمار فيه لم يتوقف عند الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الغرب بل تجاوز ذلك ليشهد دعماً من أنظمة عربية انتهجت ذات النهج وباتت تؤسس تنظيمات إرهابية وتقدم لها الأموال والسلاح والتدريب والتأهيل..

 

الإرهاب مشروع استراتيجي وليس ظاهرة.. (الكيان الصهيوني) نموذجاً-2/3

مملكة آل سعود:

وليس الزمن ببيعد كي ننسى حملات قادتها مملكة آل سعود مثلاً لدعم ما سمتهم (الأفغان العرب) حين اعتقدت السعودية أن الاتحاد السوفياتي يخطط لتطويق أراضيها عبر قوس يمتد من اليمن الجنوبي في جنوب الجزيرة العربية والحبشة بدعم الحكومة العسكرية اليسارية في الصراع على إقليم أوغادين ومحاربة المقاتلين في إريتريا، فقامت بدور كبير في إرسال الراغبين في القتال بأفغانستان من مواطنيها وغيرهم من البلاد العربية والإسلامية مع توفير الدعم المالي والعسكري مثل تذاكر سفر وخطوط طيران دائم إلى بيشاور وإسلام آباد، كما دفعت هيئات الإغاثة السعودية إلى العمل في بيشاور وأفغانستان لصالح العرب والأفغان .في دعم مباشر لهذه المجموعات الإرهابية.

بالعودة إلى الكيان الصهيوني، فمنذ نشأته المشبوهة حتى تاريخه لم تهدأ المنطقة أو تشهد معالم الاستقرار المنشود خاصة في بلاد الشام والعراق، وعانت المنطقة من ويلات الارهاب الصهيوني المستمر حتى الآن دون هوادة أو رادع سوى المقاومة التي ولدت كرد فعل طبيعي على مظاهر الإرهاب الصهيوني وغيره من الإرهاب المنظم.. المقاومة التي تبنتها سورية كأول دولة اعتبرت أن المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال الصهيوني وإرهابه المنظم.

وقد سعت الولايات المتحدة كعادتها على اعتبار المقاومة (إرهاباً) لقلب للحقائق وتزوير الوقائع وهذا ما تنبه إليه الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما أعلن خلال زيارته الرسمية إلى اليونان ضرورة عقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف الإرهاب وتمييزه عن نضال الشعوب ضد الاحتلال الأجنبي، ووضع اتفاقية دولية لقمع ومكافحة الإرهاب، وهذا ما كرره وتبناه الرئيس السوري بشار الأسد.

فمشروع الاستثمار بالإرهاب لا يواجه إلا بمشروع مضاد عنوانه المقاومة بكل تجلياتها وعلى رأسها المسلحة منها.

إن البشرية جمعاء تؤمن وتدرك بأن الحق ملك لصاحبه وهو وحده صاحب السلطة عليه، وأن أية محاولة لاغتصابه ينبغي ردعها

ومواجهتها، كالحق في الحياة والملكية وفي الأرض والوطن، كذلك في مقاومة الإرهاب والمحتل.

 

رابط الجزء الأول  – أضغط هنا 

بقلم الأستاذ : عبد الله منيني – أمين سر مؤتمر الأحزاب العربية

المصدر : موقع فينيكس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.