إكمال خريطة درب التبانة بواسطة المسبار الفضائي “غايا”

قدم المسبار الفضائي «غايا»، المخصص لرسم خرائط مجرة درب التبانة أحدث بياناته، كاشفاً فيها نصف مليون نجم ومحدداً بطريقة غير مسبوقة موقع أكثر من 150 ألف كويكب، وذلك وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ما هو درب التبانة

درب التبانة أو الطريق اللبني هي مجرة حلزونية الشكل تنتمي إليها الشمس والأرض وبقية المجموعة الشمسية.

تشمل مجرة درب التبانة على مئات البلايين من النجوم، وتنشر سحابات كبيرة من الذرات والغبار والغازات في شتى أطراف المجرة.

تحوي ما بين 200 إلى 400 مليار نجم، يظهر درب التبانة في الليالي المظلمة الصافية على شكل حزمة لبنية عريضة من ضوء النجوم تمتد عبر السماء ولذلك تسمى أيضاً الطريق اللبني. كما تنشأ فجوات مظلمة في الحزمة نتيجة لتكون سحب الغبار والغازات التي تحجب الضوء المنبعث من النجوم التي وراءها ومن ضمنهم كوكب الشمس.

شكل المجرة قرصي ويبلغ القطر حوالي 185.000 سنة ضوئية والسماكة حوالي 1000 سنة ضوئية،ويعتبر القرص رقيق جدا، حيث نعيش قريباً من حافة تلك المجرة حيث تدور مجموعتنا الشمسية حول مركزها.

تبعد المجموعة الشمسية عن مركز المجرة نحو 27 ألف سنة ضوئية. فإذا نظر الشخص إلى السماء في الليل فقد يرى جزء من مجرتنا كحزمة من النجوم، بالنسبة لسكان نصف الكرة الأرضية الشمالي تتم رؤية درب التبانة في الصيف والخريف والشتاء.

ودرب التبانة أكثر تألقاً في بعض أقسامها مما هي عليه في أقسام أخرى. فالقسم الذي يحيط بكوكبة الدجاجة شديد اللمعان، ولكن القسم الأكثر اتساع ولمعان يقع أبعد إلى الجنوب في كوكبة رامي القوس، ورؤيتها ممكنة في الفضاء الشمالي على انخفاض كبير في الأمسيات الصيفية، لكن مشاهدتها أكثر سهولة في البلدان الواقعة جنوب خط الاستواء.

إكمال خريطة درب التبانة بواسطة التلسكوب الأوروبي “غايا”

وكان التلسكوب “غايا” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية والذي يعمل على مسافة 1,5 مليون كيلومتر من الأرض منذ 10 سنوات، قد قدّم في الدفعة الثالثة من بياناته عام 2022، مواقع وحركات أكثر من 1,8 مليار نجم، ما أعطى رؤية ثلاثية الأبعاد كاملة إلى حد ما لمجرتنا.

لكن كانت لا تزال ثمة فجوات لأن التلسكوب لم يستكشف بشكل كامل مناطق السماء الكثيفة بشكل خاص بالنجوم، والتي تسمى العناقيد الكروية، وفق ما أوضحت وكالة الفضاء الأوروبية.

وتحتوي هذه العناقيد على نوى شديدة السطوع لدرجة أن ضوءها يمكن أن «يطغى على التلسكوبات التي تحاول الحصول على رؤية واضحة»، وتشكل «قطع اللغز المفقودة في خرائطنا للكون»، على ما ذكرت وكالة الفضاء الأوروبية في بيان لها.

وألقى «جايا» الضوء على مجموعة «أوميغا سنتاوري»، وهي أكبر مجموعة يمكن ملاحظتها من الأرض. وكشفت أكثر من نصف مليون نجم لم يكن ممكناً رصدها في السابق لقربها الشديد بعضها من بعض.

وتقدم هذه النتيجة خريطة كاملة واسعة النطاق لأوميغا سنتاوري، كما يؤكد أليكسي مينتس، المشارك في إعداد المنشور الجديد وعضو اتحاد «غايا» الأوروبي.

وبما أن العناقيد هي من بين أقدم الأجسام في الكون، فإن مراقبتها تُعد خطوة حاسمة للعلماء الذين يريدون «تأكيد عمر مجرتنا» أو حتى تحديد مركزها،وذلك وفق وكالة الفضاء الأوروبية.

كما سُجلت ميزة جديدة أخرى، تمثلت في أن التلسكوب «غايا» أوضح موقع أكثر من 156 ألف كويكب في نظامنا الشمسي، تقع في حزام الكويكبات (بين المريخ والمشتري)، أو في نقاط أبعد مثل كويكبات «طروادة» التابعة لكوكب المشتري.

وقد أشار فرنسوا مينار، المدير العلمي لـ «غايا» في المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء، إلى أنه بفضل فترة مراقبة طويلة المدة (66 شهراً، أي ضعف المدة السابقة)، تمكن المسبار من حساب الفترة المدارية بدقة «أفضل بـ100 إلى 200 مرة» من التلسكوبات الموجودة على الأرض.

ذلك سيتيح قياس مدارات الكويكبات الكبيرة مثل «سيريس» أو «هيجيا» أو «ميتيس» بشكل كامل تقريباً، الأمر الذي يساعد في «تحسين التوقعات واحتمالات التقارب أو حتى الاصطدام المستقبلي بالأرض»، بحسب مينار.

مجموعة أوميغا سنتاوري

هو عنقود كروي في كوكبة سانتوري تم تحديده لأول مرة كجسم غير نجمي من قبل إدموند هالي في عام 1677.

يقع على مسافة 17090 سنة ضوئية كما يعتبر أكبر عنقود كروي معروف في درب التبانة، ويبلغ قطره حوالي 150 سنة ضوئية. ويقدر أنه يحتوي على ما يقرب من 10 ملايين نجم، وكتلة إجمالية تعادل 4 ملايين كتلة شمسية، مما يجعله الكتلة الكروية الأكثر شهرة في درب التبانة.

يختلف أوميغا سانتوري كثيراً عن معظم العناقيد المجرية الكروية الأخرى لدرجة أنه يُعتقد أنها نشأت باعتبارها البقايا الأساسية لمجرة Dwarf Galaxy.