السودان : أمطار غير متوقعة تؤجج معاناة السكان

فاجأت الأمطار غير الموسمية سكان منطقة أبو حمد، أقصى شمالي السودان، في أغسطس/آب الحالي. عبد الرحيم حميد، مزارع من المنطقة، وصف هذا الحدث بالاستثنائي، مؤكداً أن الأمطار لم تشهدها المنطقة في هذا الوقت من السنة منذ عقود. وقد تسببت هذه الأمطار في سيول جارفة أدت إلى تدمير واسع النطاق، حيث فقد البعض حياتهم وأصبح عبد الرحيم نفسه بلا مأوى بعد أن دمرت السيول منزله ومزرعته بالكامل.

انتشار السيول في ولايات متعددة في السودان

لم تقتصر الأمطار والسيول على أبو حمد فقط، بل امتدت إلى مناطق واسعة في ولايات كسلا، نهر النيل، والبحر الأحمر، بما في ذلك مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية. هيئة الأرصاد الجوية السودانية أفادت بأن معدلات الأمطار والسيول تجاوزت المعدلات الطبيعية، مصحوبة بأتربة وعواصف رعدية، مع توقعات بهطول مزيد من الأمطار في المستقبل القريب، مما يهدد بحدوث فيضانات كبيرة في النيل الأزرق ونهر القاش.

خسائر بشرية ومادية كبيرة

أسفرت الأمطار والسيول عن وفاة حوالي 68 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، حسبما أعلن وزير الداخلية السوداني، خليل باشا سايرين. كما أشار إلى تدمير 4 آلاف منزل بشكل كامل و8 آلاف منزل جزئياً، إضافة إلى تدمير 40 من المرافق العامة وتضرر 168 ألف فدان من الأراضي الزراعية. منطقة أبو حمد تكبدت النصيب الأكبر من هذه الخسائر، حيث أكدت وزارة الصحة السودانية وفاة 25 شخصاً على الأقل، مع تضرر مئات المنازل والأراضي الزراعية، وفقدان العديد من البهائم.

الآثار البيئية والصحية للتعدين

التقارير تشير إلى مخاوف كبيرة من حدوث كارثة بيئية بسبب تجريف السيول لمخلفات عمليات تعدين الذهب في أبو حمد. المنطقة، التي تعد واحدة من أكبر مناطق تعدين الذهب التقليدي في السودان، تواجه خطر تلوث البيئة بسبب استخدام مواد سامة مثل الزئبق والسيانيد. الخبير البيئي د. الفاتح عوض أكد أن هذه المواد تشكل تهديداً للصحة العامة وتسبب تلوثاً واسعاً عبر السلسلة الغذائية.

الوضع في مراكز الإيواء في كسلا

أدى النزوح الجماعي إلى مدينة كسلا هروباً من النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى تفاقم الأوضاع. أكثر من 260 ألف شخص نزحوا إلى الولاية خلال الشهر الماضي، حيث أصبحوا يواجهون ظروفاً صعبة في معسكرات الإيواء، التي تأثرت بالأمطار الغزيرة وامتلأت بالمياه. السلطات المحلية في كسلا والمناطق المتضررة الأخرى أطلقت نداءات للمجتمع الدولي لتقديم المساعدات العاجلة.

تأخر المساعدات الإنسانية

عبد الرحيم من أبو حمد أشار إلى أن السكان لم يتلقوا أي مساعدات من الجهات الداخلية أو الخارجية حتى الآن، رغم وعد رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان بتقديم الدعم. مع استمرار الأزمة، يبقى الأمل في تنفيذ الوعود وتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين في ظل الظروف الراهنة.