الشاعر محمد علي شمس الدين في ذمة الله

الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار الخلود.

غيّب الموت الشاعر محمد علي شمس الدين اللبناني الجنوبي فجر اليوم عن 80 عاماً بعد انتكاسة صحية لازم خلالها المستشفى لايام، وقد نعته ابنته الشاعرة رباب شمس الدين حين قالت: بمزيد من الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره ننعي إليكم وفاة شاعر وأديب لبنان و جبل عامل فقيدنا المقاوم الدكتور محمد علي شمس الدين (ابو علي).ويوارى الفقيد الكبير في الثرى، عند الرابعة من عصر يوم الأحد الواقع فيه ١١ أيلول ٢٠٢٢ الساعه الرابعه عصرا في جبانة بلدة عربصاليم. (انا لله وانا اليه راجعون) ورثته بالقصيدة التالية:

لم تعلمني كيف تكفن القصيدة

وقد غسلناها بدمع المحاجر

ولم تعلمني كيف يدفن الشعر

و لم تخبرني أن للشعر مقابر

حفرت كل تراب بيروت يا أبي فما وسعتك بيروت يا أيها الشاعر

فأين أواري جسدك المقدس وكيف ترثيك في الموت المنابر

من هو الشاعر محمد علي شمس الدين؟

ولد محمد علي شمس الدين في العام 1942 م في قرية بيت ياحون في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان.وقد نشأ في بلدة عربصاليم قرب النبطية وفيها كبر.وهو حائز على دكتوراه دولة في التاريخ كما يحمل إجازة في الحقوق. كذلك عمل كمدير للتفتيش والمراقبة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان، وتولى منصب رئيس المفتشين في الضمان الاجتماعي وكان من موظفي الفئة الأولى.

شعره :

لقد تفتحت موهبته الشعرية باكرا، ويعتبر من طليعة شعراء الحداثة في العالم العربي منذ العام 1973 وحتى الآن. كذلك قد شارك في العديد من المهرجانات الشعرية في البلاد العربية ويعكف على كتابة مقالات نقدية وأدبية عن الشعر والأدب والفكر في المجلات وكذلك الصحف اللبنانية والعربية. كما أنه عضو في الهيئة الإدارية في اتحاد الكتّاب اللبنانيين.

أبرز ملامح ونشاط الشاعر الشعري:

هو شاعر حديث إلا ان نتاجه الشعري لاينحصر في مجال واحد.غالب شعره يتفاعل مع رموز التاريخ العربي والإسلامي، كذلك حاز في العام 2011 على جائزة العويس الشعرية.

ترجمت أشعار الشاعر محمد علي شمس الدين إلى أكثر من لغة منها الإسبانية والفرنسية والإنجليزية. كذلك كتب عن قصائده الكثير من النقاد العرب  والغربيين، ومن بينهم المستشرق الإسباني بدرو مونتابيس حين قال:

“يبدو لي أن الشاعر محمد علي شمس الدين هو الاسم الأكثر أهمية، والأكثر وعدا في آخر ما كتب من الشعر اللبناني الحديث، في هذا الشاعر شيء من المجازفة مكثف وصعب؛ لا سيما أنه عرضة لكل الإشراك. شيء ما يبعث على المجرد المطلق، المتحد الجوهر، اللاصق بالشعر في أثر شمس الدين، وقلة هم الشعراء الذين ينتصرون على مغامرة التخيل، ويتجاوزون إطار ما هو عام وعادي، وهؤلاء يعرفون أن مغامرتهم مجازفة كبرى، ولكنهم يتقدمون في طريقها”.

كذلك صدرت في شعر شمس الدين عدة دراسات أكاديمية، وبحثية منها:

لغة الشاعر محمد على شمس الدين الشعرية، في سلسلة الأدب الحديث – حركة الريف الثقافية – لبنان 1996 للدكتور على زيتون الرؤية إلى العالم في شعر محمد علي شمس الدين – أطروحة كتوراه للشاعر فاروق شويخ – الجامعة اللبنانية شعرية الانزياح: دراسة في الأعمال الكاملة ل الشاعر محمد علي شمس الدين – أميمة عبد السلام الرواشدة – جامعة مؤتة – 2004

مؤلفات الشاعر محمد علي شمس الدين:

قد لقي شعره رواجاً واسعاً في لبنان والبلاد العربية، بالطبع صدر له عدد من الدواوين منها: قصائد مهرّبة إلى حبيبتي آسيا _غيم لأحلام الملك المخلوع _أناديك يا ملكي وحبيبي _الشوكة البنفسجية_ طيور إلى الشمس المرّة _ أما آن للرقص أن ينتهي_أميرال الطيور _ يحرث في آبار _ منازل النرد _ ممالك عالية _ رياح حجرية _ كتاب الطواف _ حلقات العزلة _ اليأس من الوردة _ غرباء في مكانهم _ الغيوم التي في الضواحي _ شيرازيات _ الأعمال الكاملة (جزءان) _ النازلون على الريح.

بالإضافة الى تأليفه كتب أخرى: الإصلاح الهادئ (بحث تاريخي) _ غنوا غنوا (قصص للأطفال) _ قصة ملونة (قصص للأطفال).

وقد نعت الشاعر محمد علي شمس الدين عدة جهات ومؤسسات ثقافية وأدبية، وعدد من الشعراء والأدباء والكتاب في لبنان والعالم العربي.

اتحاد الكتاب اللبنانين

كلما مات عالم ترك ثلمة في ميادين العلم والمعرفة وكلما مات شاعر ترك اثلامًا في بحور الإبداع والفن والثقافة. الشاعر البهي الطلعة، عميق الفكرة، بعيد التطلع، المجدد في الشعر والمتجدد مع رقي الكلمة، الشاعر الذي شغل دنيا الوطن والعرب بقصائده المميزة طوى رحلة الفناء وذهب مطمئنًا إلى دنيا الخلود، حيث العدالة الإلهية وحيث جنات النعيم التي هي حلم كل إنسان. الخسارة الوطنية والفكرية فادحة وخسارة اتحاد الكتّاب الّلبنانيّين كبيرة برحيل هذه القامة الباسقة، لكن ما يعزينا ان اثره وتراثه سيبقيان ذخرًا للأجيال ومنارة للشعراء وطلائع الابداع.

اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين

هكذا فجأة يرحل الشاعر الفحل محمد علي شمس الدين الذي ضفّر الشعرية العربية بتاج الجماليات.

جريدة النهار

صباح الأحد، والأرض بعد في نومها الهادئ والنسيم البارد يغازل الأزهار، رحل «أميرال الطيور» محمد علي شمس الدين، الشاعر المتنوّر والمؤمن، ابن بيت ياحون الجنوبية المفتوحة للشمس والغبار والرياح.

مجلة الحداثة اللبنانية

استراح الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين (1942 – 2022) بعدما طاف في عوالم الشعر لسنوات واكبها نزوح مستمر في الوطن بحثًا عن الوطن. شمس الدين الشاعر الذي غاص في التراث ليطلقه في عوالم الحداثة، ورحل في كشوفات الصوفية ليجعل منها صوفية تنتمي إلى جنوبه اللبناني الذي أحب حتى الرمق الأخير. بولادته الشعرية في بدايات السبعينيات من القرن العشرين، رسم شمس الدين صورة جديدة للذاكرة، وللذوق الأدبي ليس في لبنان فحسب، بل في الذاكرة الأدبية العربية أيضًا.