لغز “مثلث ألاسكا”: حالات الاختفاء والأساطير

وفقا لمجلة أتلانتيك، يختفي 3000 شخص كل عام في ألاسكا. يختفي معظمهم في أراضي برية معروفة بما يسمى “مثلث ألاسكا”. اختفاء آلاف الأشخاص كل عام في ولاية ألاسكا الأمريكية، يعيد إلى الأذهان قصص مثلث برمودا، حيث تختفي الطائرات والسفن دون أن تترك أثراً.

“مثلث ألاسكا”، على غرار “مثلث برمودا” الشهير

مثلث برمودا، المعروف أيضًا باسم مثلث الشيطان، هي منطقة في شمال المحيط الأطلسي تشتهر بعدد من حالات الاختفاء الغامضة على مر السنين، مما أدى إلى تأجيج الأساطير الحضرية ونظريات المؤامرة على حد سواء. ولكن أبعد بكثير إلى الشمال يوجد “مثلث” آخر غريب وغامض من الأرض يُعرف باسم مثلث ألاسكا.

تمت مقارنة مثلث الاسكا بمثلث برمودا الشهير. وتشير التقديرات إلى أنه خلال المائة عام الماضية، تسببت هذه المنطقة الغامضة في تدمير 75 طائرة وغرق مئات السفن مما أسفر عن أكثر من ألف حالة وفاة.

تمتلك الاسكا ما يقرب من 400 ميلاً من سلسلة جبال، و12000 نهر، وأكثر من 3 ملايين بحيرة، مما يجعل جغرافيتها جذابة للغاية بحيث يمكن للمرء أن يضيع في وسط اللامكان.

منذ عام 1988، وقع أكثر من 16 ألف حالة اختفاء في المنطقة التي تشكل المثلث الغامض، بين مناطق أوتكياغافيك (المعروفة أيضا باسم بارو)، وأنكوراج، وجونو، عاصمة ألاسكا.

لغز حادثة عام 1972

في عام 1972، أثارت منطقة مثلث الاسكا الغامضة فضول العالم بعد اختفاء طائرة من طراز سيسنا تحمل سياسيين أمريكيين في مدينة أنكوراج. من بين الضحايا كان توماس هيل بوجز، زعيم مجلس النواب الأمريكي، ونيك بيغيتش، عضو الكونغرس عن ألاسكا مع مساعدهما وطيارهما.

أجرت الحكومة الأمريكية عملية بحث استمر لمدة 39 يومًا وامتدت على مساحة 325 ألف ميل مربع للبحث عن السياسيين، باستخدام 40 طائرة عسكرية و50 طائرة مدنية، ولكنهم لم يستطيعوا العثور على حطام الطائرة ولا رفات الركاب. تم إلغاء البحث، ودفع الحادث الكونغرس إلى إصدار قانون يقضي بتجهيز جميع الطائرات المدنية الأمريكية بأجهزة إرسال لتحديد المواقع في حالات الطوارئ.

تقول التقارير التاريخية أنه منذ تحطم عام 1972، اختفى أكثر من 20 ألف شخص في مثلث ألاسكا – وهو معدل يزيد عن ضعف المعدل الوطني – مما دفع الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت حالات الاختفاء هذه طبيعية أم خارقة للطبيعة.

حالات الاختفاء التي لم يتم حلها

ظلت الاسكا بمراكمة الآلاف من حالات الاختفاء غير المحلولة. تصف مجلة ذا أتلانتك قصص شابين اختفيا في ظروف غامضة.

الأول هو ريك هيلز، الذي اختفى في فبراير 2004، عن عمر يناهز 35 عاماً، عندما كان على وشك إجراء فحص طبي في أنكوراج. القضية الأخرى هي اختفاء ريتشارد بينيت، البالغ من العمر 39 عامًا، الذي اختفى بالقرب من نفس البلدة في عام 2005.

الجليد والثلوج يمكن أن يجرفا آخر بقايا الشخص، حيث تحدث الانهيارات الأرضية المستمرة والأنهار الجليدية المتصدعة والأنهار الفائضة والمنحدرات الخطرة. كل هذه الأحداث تجعل من الممكن لأي مستكشف أن يسقط ويختفي بسهولة شديدة.

اختفاء الطائرات

في المقابل، لا يوجد تفسير لاختفاء الطائرات. ووفقا لمجلة كيوريوسيتي، تشمل هذه الحوادث طائرة عسكرية تتسع لـ 44 راكبا في عام 1950 وطائرة ذات محرك مزدوج من طراز سيسنا 340 تتسع لخمسة ركاب في عام 1990. وفي المتوسط، تستمر خمس طائرات في الاختفاء في المنطقة كل عام.

حيوان غامض

كما هو الحال في أي قصة غموض، هناك أيضًا العديد من الأساطير حول حيوانات تشبه الإنسان وتطارد المسافرين. هذه الحيوانات، كما يقول السكان المحليون، تمزق الناس إلى أشلاء.

يشير بعض الناس إلى أسطورة ما يسمى بـ “الساسكواتش”، أو “ذو القدم الكبيرة”، أو مخلوق يعرف باسم “كوشتاكا”، والتي، بحسب الأسطورة، تتجول عبر الجبال الباردة بقصد أخذ المسافرين لتنهيهم أو تحويلهم إلى شيء آخر.

يشبه “كوشتاكا” في المظهر الحيوان البحري، ولكنه يظهر في كثير من الأحيان لأولئك الذين يضلون في الغابة على هيئة صديق موثوق به، يقود ضحيته إلى عمق البرية ويمزقها أو يحولها إلى “كوشتاكا”.

التفسيرات المحتملة

على مر السنين، تم طرح العديد من النظريات لتفسير هذا اللغز. وتقول نظرية تم وضعها عام 2016 من قبل مجموعة من خبراء الأرصاد الجوية، إن سبب حالات الاختفاء هو وجود “سحب سداسية” يمكن أن تسبب رياحًا قوية جدًا أو “قنابل جوية” قادرة على تدمير أو إغراق السفن والطائرات.

في الماضي، كان يُعزى اللغز إلى فقاعات غاز الميثان القادمة من قاع المحيط، أو المجالات المغناطيسية، أو الأمواج العملاقة، أو الخفاش العملاق، أو تفسيرات أكثر ميتافيزيقية (ما ورائيات)، مثل الأبعاد البديلة، أو الأكوان المتوازية، أو اختطاف كائنات فضائية.

هناك أيضًا نظرية مفادها أن الأنهار الجليدية خادعة وتبدو صلبة، في حين أنها في الواقع تحتوي على شقوق عميقة يمكن أن تختفي فيها أي طائرة أو إنسان.

مع تساقط الثلوج على مدار العام، والبرية الكثيفة، والأنهار الجليدية الضخمة التي تحتوي على كهوف مخفية وشقوق عملاقة، فإن احتمالات العثور على طائرة سقطت أو جثة شخص ما ضئيلة. قد يسقط متسلقو الجبال في حفر عميقة، ومن المحتمل أن تكون آثارهم مغطاة بالثلج.

وحتى الطائرات، على الرغم من حجمها الهائل، يمكن أن تصبح مدفونة بسرعة تحت تساقط الثلوج الكثيفة. ولا تنسى أيضاً أن ولاية ألاسكا ذاتها هي ولاية ضخمة. ألاسكا أكبر من تكساس بأكثر من الضعف، ومعظمها لا يزال غير مأهول بالبشر.

من المؤكد أن النظريات الخارقة المحيطة بمثلث ألاسكا قد تكون مثيرة للجدل، ولكن الحقيقة هي أنه لسوء الحظ من السهل جدًا أن يختفي شخص ما في براري ألاسكا – ومن المستحيل العثور عليه عندما يحدث ذلك.

وبهذه الطريقة، قد يكون السر الكبير لمثلث ألاسكا هو أن كل شيء يكون مدفونًا في الطبيعة.