تأثير الخطوط الهاتفية الخضراء على حماية البيئة

تعتبر الخطوط الهاتفية الخضراء أو “Green Phone Lines” تقنية حديثة في مجال الاتصالات تهدف إلى تحسين أثر الاتصالات على البيئة. هذه الخطوط تستخدم تكنولوجيا حديثة للحد من استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون التي ترتبط بالاتصالات الهاتفية.

أصبح مفهوم “تقليل آثار الكربون” خطوة حاسمة وضرورية لخفض مستويات الغازات الدفيئة في الجو ومكافحة ظاهرة “الاحتباس الحراري” التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض إلى مستويات قياسية وتحويل أجزاء كبيرة من الأرض إلى مناطق غير صالحة للعيش.

حجم انبعاثات الكربون من الخطوط الهاتفية الخضراء:

على الرغم من صغر حجمها، إلا أن شرائح الـ SIM لخطوط الهواتف تشكل مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات الكربون على مستوى العالم.

وفقًا لشركة “ستاتيستا” للأبحاث ودراسات السوق، يتم انبعاث ما يعادل 229 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون من عملية إنتاج شريحة الـ SIM التقليدية في جميع مراحل دورة حياتها، بدءًا من الإنتاج والنقل وصولًا إلى الأجهزة ونهاية عمرها الافتراضي. بينما ينبعث فقط 123 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون من شريحة الـ eSIM المتطورة.

وتشير بيانات الأبحاث التي أجراها فريق المحللين العالمي التابع لشركة ABI Research للدراسات إلى أن عدد شرائح SIM التي تم شحنها حول العالم بلغت نحو 4.45 مليار خلال عام 2022. وبدورها، فإن هذه الأرقام تعني أن صناعة شرائح خطوط الهواتف قد تكون مسؤولة عن إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تبلغ أكثر من مليون طن سنويًا.

على مدار ثلاثين وثلاث سنة، حاول مصنعو شرائح الـ SIM أن يدخلوا ممارسات صديقة للبيئة في صناعتهم، والتوصل في النهاية إلى تطوير تقنية الـ eSIM، التي تتميز بقدرتها على تقليل انبعاثات غاز الكربون بنسبة 46٪ مقارنة بالبطاقات الـ SIM التقليدية. وذلك لأن الـ eSIM لا تتطلب نفس الكمية من المواد البلاستيكية ومواد التغليف، فالتقنية تعتمد على دمج الشرائح في الهاتف وتشغيلها رقمياً بواسطة مشغلي الاتصالات، ولا توجد اثارها على الواجهة الملموسة لحاملي الهواتف.

حلول صديقة للبيئة:

على الرغم من التقدم الذي تم تحقيقه في تقنية الـ eSIM، إلا أن هذا الاجراء لم يكن كافياً. لم يتم تحقيق انتشار كبير لهذه التقنية، برغم مرور أكثر من 5 سنوات على تطبيقها في السوق. يفضل العديد من المستخدمين الإبقاء على استخدام شرائح الـ SIM التقليدية المادية. لذا، تجبر شركات الاتصالات على البحث عن حل جديد، وهو استخدام شرائح الـ SIM الخضراء الصديقة للبيئة والمادية.

يقول المهندس الاتصالات عيسى سعد الدين في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن شركات الاتصالات قامت بتقليص حجم شرائح SIM على مر السنين منذ تطويرها لأول مرة في عام 1991، ولكن على الرغم من ذلك، فإن هذه الصناعة لا تزال تساهم في تلوث البيئة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة عالية. يشير إلى أن المشكلة الرئيسية في شرائح SIM التقليدية هي أنها تأتي مع بطاقة بلاستيكية بحجم بطاقة الائتمان، ويتم التخلص من هذه البطاقة عند نزع الشريحة بشكل فوري، مما يتسبب في توليد أطنان من النفايات البلاستيكية كل عام.

ما هي الشرائح الهاتفية الخضراء؟

يقول سعد الدين أن الشرائح الهاتفية الخضراء هي شرائح سيم تم إنتاجها باستخدام مواد معاد تدويرها، وتستهلك كمية أقل من البلاستيك والورق، مما يقلل من البصمة الكربونية. وهي مصنوعة من مواد استخرجت من النفايات الإلكترونية دون أن يؤثر ذلك على جودة الاتصال بها، حيث تدعم المعايير الحديثة للاتصالات العالمية.

والبطاقة التي تحمل الشريحة الخضراء مصنوعة من ورق البلاستيك المعاد تدويره وأصغر حجماً بكثير من البطاقات البلاستيكية التقليدية، مما يقلل من استخدام البلاستيك بنسبة تتراوح بين 50 و 75 بالمئة ويساعد في توفير النفايات والحد من البصمة الكربونية للشرائح السيم.

ويشرح سعد الدين أن للشرائح الهاتفية الخضراء مزايا بيئية مهمة، حيث تقلل من استخدام المواد خلال عملية التصنيع وتحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقلل من النفايات البلاستيكية. كما تخفض التكاليف اللوجستية، حيث يصبح نقل هيكل بطاقة الهاتف الأصغر حجماً وأخف وزناً أرخص. وأكد أنه من الصعب تحديد النسبة الدقيقة للبصمة الكربونية الناتجة عن شرائح الهاتف الخضراء بسبب تنوع التصاميم والأحجام وأساليب الإنتاج بين الشركات.

ولكنه أشار إلى أن الأسلوب المتبع في تصنيع الشرائح الهاتفية الخضراء يساعد في خفض انبعاثات الكربون بنسبة تتراوح بين 25 و35 في المئة مقارنة بالبطاقات السيم التقليدية.

يقول مهندس الاتصالات محمد الحركة في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن تأثير بطاقة الـ SIM الفردية الصغيرة على البيئة يمكن أن يبدو غير مهم بالنسبة للمستهلكين. ولكن عندما نتحدث عن صنع أكثر من 4 مليارات شريحة سنوياً، يصبح تأثير هذه الشرائح هائلاً على البيئة. عملية تصنيع بطاقات الـ SIM وتوزيعها تحتاج إلى استخدام مواد خام وطاقة ومواد كيميائية وورق وبلاستيك، ما يسهم في إصدار الملوثات وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير.

وهذا الحجم من الملوثات من المحتمل أن يزداد، مع توقع زيادة الطلب على شرائح الـ SIM في المستقبل، حيث ستتوسع انتشارها في السوق بسبب الحاجة إلى دمجها في العديد من الأجهزة التي نستخدمها يومياً كجزء من إنترنت الأشياء.