ذكرى قصف هيروشيما وفيلم أوبنهايمر: تأملات في التاريخ المؤلم

قامت اليابان، يوم أمس الأحد، بإحياء ذكرى قصف هيروشيما الـ78 من قبل الولايات المتحدة بقنبلة نووية. ودعا رئيس بلدية المدينة إلى تخلي العالم عن الأسلحة النووية، ووصف مفهوم الردع النووي الذي يعتمده قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى بأنه “حماقة”.

ذكرى قصف هيروشيما وناغازاكي الـ 78:

يأتي إحياء ذكرى ضحايا أول هجوم نووي في العالم في ظل زيادة القلق من احتمال استخدام الأسلحة النووية نتيجة النزاع بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما يثير اهتمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

استجابت الحشود لصوت جرس السلام الذي دوى في صباح يوم الأحد في الساعة 08:15 صباحًا حسب التوقيت المحلي، وهذا التوقيت هو وقت سقوط القنبلة. تجمع ما يقرب من 50 ألف شخص في منطقة مفتوحة للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى، وكان بينهم العديد من المسنين الناجين من تلك الكارثة. توقف الجميع لمدة دقيقة صمت حدادًا على أرواح الضحايا.

وقال كازومي ماتسوي رئيس بلدية هيروشيما خلال المراسم التي حضرها كيشيدا أيضًا: “يتعين على الزعماء حول العالم مواجهة حقيقة أن التهديدات النووية، التي يطلقها الآن صانعو سياسات بعينهم تكشف عن حماقة نظرية الردع النووي”.

وفي نفس الوقت، يحقق فيلم أوبنهايمر نجاحاً كبيراً في الولايات المتحدة، حيث يروي قصة إنتاج القنبلة الذرية. وقد انتقد البعض الفيلم بسبب تجاهله الكبير للدمار الذي لحق بمدينتي هيروشيما وناغاساكي بسبب السلاح النووي، حيث تعرضت المدينتان للقصف بعد ثلاثة أيام فقط من بعضها البعض في التاسع من آب عام 1945.

أول قنبلة نووية في التاريخ:

هذه القنبلة أطلق عليها اسم “الولد الصغير”، أُطلقت فوق مدينة هيروشيما في السادس من أغسطس عام 1945 من قبل طائرة القاذفة الأمريكية “إينولا غاي” بقيادة الكولونيل بول تيبيتسن، مما تسبب بوفاة حوالي 140 ألف شخص وتدمير حوالي 90% من المباني و المنشآت، وإصابة ما يقارب الـ 90 ألف شخص.

وبعد 3 أيام فقط من الهجوم الأول، تم إلقاء القنبلة النووية الثانية التي أُطلق عليها اسم “الرجل البدين” فوق مدينة ناغازاكي اليابانية، مما أدى إلى وفاة 75 ألف شخص. هذه الأحداث كانت السبب الذي دفع اليابان في النهاية إلى الاستسلام وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

مدينة هيروشيما تأسست عام 1594 وتقع في جزيرة هونشو على خليج هيروشيما وتتألف من ست جزر في دلتا نهر أوتا، واشتهرت عالميًا كونها كانت المدينة الأولى التي تعرضت لهجوم بقنبلة ذرية. تم عام 1868 إنشاء قاعدة عسكرية في المدينة.

لم يكن هناك سبب مباشر يبرر استخدام الولايات المتحدة للقنابل النووية، والتي أدت إلى وقوع مأساة في اليابان.

لربما أن السبب الوحيد الذي يمكن تقديمه هو الوصول بسرعة الى نهاية الحرب العالمية الثانية التي استمرت منذ عام 1939 كما يعتقد بعض المحللين. ويُعتقد أيضًا أن الولايات المتحدة كانت ترغب في إظهار تفوقها العسكري والقوة النووية التي تملكها للعالم.

ومع ذلك، فإن استخدام القنابل النووية أثار العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونية، وأدى إلى تطوير جهود دولية للحد من انتشار الأسلحة النووية وتعزيز فكرة نزع السلاح النووي.

أصبحت المدينتان رمزًا للسلام والتضحية والتطلع إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية

بعد الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان بعملية إعادة البناء وإعمار هيروشيما وناغازاكي، حيث تم ترميم العديد من المباني المدمرة وإعادة بناء البنية التحتية والمرافق العامة في المدينتين. بالإضافة الى إنشاء العديد من المتاحف والنصب التذكارية للتذكير بالمأساة التي حدثت ولتكريم ضحايا القنابل النووية. تعتبر هذه المتاحف والنصب التذكارية مواقع هامة للتعليم والتوعية حول الأسلحة النووية والحرب والسلام.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب اليابان دورًا فعالًا في المجتمع الدولي لتعزيز السلام ونزع السلاح النووي. تدعم اليابان المبادرات الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية وتعزيز النزع الذاتي لهذه الأسلحة. كما تسعى اليابان لتعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية المدنية السلمية وتطوير مصادر الطاقة البديلة والمستدامة.

بشكل عام، تستمر اليابان في إحياء الذكرى المأساوية للقنابل النووية وتعزيز قيم السلام والتسامح ونزع السلاح النووي في جميع أنحاء العالم.

فيلم أوبنهايمر:

بالتزامن مع الذكرى الـ78 لقصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي تم إنتاج فيلم “أوبنهايمر” كفيلم سيرة ذاتية ودراما أمريكي، من إخراج وكتابة كريستوفر نولان، ويستند إلى كتاب سيرة ذاتية حائز على جائزة بوليتزر بروميثيوس الأمريكية، الذي تم تأليفه بواسطة كاي بيرد ومارتن ج. شيروين.

تدور قصة الفيلم حول حياة عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، ويركز بشكل أساسي على دراساته المبكرة وقيادته لمشروع مانهاتن أثناء الحرب العالمية الثانية، ومعاناته بعد جلسة الاستماع الأمنية في عام 1954. يتناول الفيلم أيضًا العلاقة المعقدة بين أوبنهايمر ولويس ستراوس، عضو هيئة الطاقة الذرية الأمريكية الذي اعتبر أوبنهايمر خصمًا له.

بطولة الفيلم تشمل كيليان مورفي في دور أوبنهايمر وروبرت داوني جونيور في دور ستراوس، بالإضافة إلى طاقم التمثيل المميز الذي يضم إيميلي بلنت ومات ديمون وفلورنس بيو وجوش هارتنت وكيسي أفليك ورامي مالك وكينيث براناه.

تم عرض الفيلم لأول مرة في باريس في 11 يوليو 2023، وتم إصداره في الولايات المتحدة في 21 يوليو. حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، حيث حقق أكثر من 430 مليون دولار في شباك التذاكر عالميًا، وذلك مع ميزانية إنتاج تبلغ 100 مليون دولار. حظي الفيلم أيضًا بإشادة واسعة من النقاد، الذين أشادوا بأداء فريق التمثيل وجودة السيناريو والمرئيات.