عيد العمال… كيف تحول يوم إضراب إلى عيد عالمي؟

يحتفل مئات الملايين من العمال في أغلب بلدان العالم في الأول من مايو/ أيار من كل عام بيوم العمال العالمي، أو عيد العمال، ويرتبط هذا اليوم بتاريخ غني من النضال العمالي من أجل حقوق العمال وتحسين ظروفهم المعيشية.

بداية الحركة العمالية:

في القرن التاسع عشر، شهد العالم ثورة صناعية هائلة أدت إلى ظهور طبقة عاملة جديدة تعاني من ظروف عمل قاسية وظلم فادح، حيث كان العمال يُجبرون على العمل لساعات طويلة بأجر زهيد، ودون أيّ ضمانات صحية أو أمان.

برزت مع هذه الظروف حركات عمالية منظمة بدأت تطالب بحقوقها الأساسية، مثل تقليل ساعات العمل وتحسين أجور العمال وتوفير بيئة عمل آمنة، وبدأت الحركة العمالية بالتشكل كرد فعل على هذه الظروف، حيث نظم العمال احتجاجات وإضرابات للمطالبة بحقوقهم، وبرزت العديد من المنظمات النقابية التي دافعت عن مصالح العمال.

إضرابات عام 1886:

في عام 1886 دعا اتحاد نقابات العمال في الولايات المتحدة إلى إضراب عام في الأول من مايو/أيار للمطالبة بثماني ساعات عمل يومياً، وشارك في الإضراب أكثر من 300 ألف عامل في المصانع التي يعملون فيها في جميع أنحاء البلاد.

في 3 مايو/أيار تظاهر آلاف العمال في مدينة شيكاغو، أحد مراكز حركة الاحتجاج، للمطالبة بتحسين ظروف العمل في مصنع “ماكورميك”، واجه المتظاهرون قمعاً شديداً من قبل الشرطة، مما أدى إلى مقتل العديد من العمال وإصابة المئات، وفي اليوم التالي انفجرت قنبلة في ختام تجمع عمالي وأدت إلى مقتل 7 من رجال الشرطة وعدد من العمال المضربين في ساحة هيماركيت في شيكاغو.

رمزية الأول من مايو:

تحولت حادثة شيكاغو المأساوية إلى رمز لنضال الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم، ففي عام 1889 عقدت المنظمة الدولية الأولى للعمال في باريس مؤتمرها التأسيسي، وقررت اعتبار الأول من مايو/أيار يوماً عالمياً للتضامن مع عمال شيكاغو، و يوماً للاحتجاج على الظلم الواقع على العمال في جميع أنحاء العالم.

انتشار الاحتفال:

انتشرت فكرة الاحتفال بيوم العمال بسرعة في مختلف البلدان، ففي عام 1890 نظمت احتجاجات وفعاليات عمالية في العديد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وبحلول عام 1900، أصبح الأول من مايو/أيار عطلة رسمية في العديد من الدول.

معنى عيد العمال اليوم:

يتجاوز عيد العمال اليوم كونه مجرد عطلة رسمية، فهو رمز لنضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها الأساسية، وتذكير بالإنجازات التي حققتها الحركة العمالية على مدار التاريخ، كما أنه مناسبة للتأكيد على أهمية دور العمال في بناء المجتمعات وتقدمها.

في العالم العربي:

وصلت فكرة الاحتفال بيوم العمال إلى العالم العربي في مطلع القرن العشرين، ففي عام 1912 نظمت أول احتفالية بيوم العمال في مصر، تلتها احتفالات في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول العربية.

يعدّ الأول من مايو/أيار يوماً تاريخياً هاماً للطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم، فهو رمز لنضالها المستمر من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة والحياة الكريمة وظروف عمل جيدة،كما أنه يُؤكد على أهمية دور العمال في بناء المجتمعات وتقدمها.